للإكراه سبيل إليها كما أوضحنا، ومن خلال ذلك المفهوم تظهر بعض الخصائص التي تميزت بها الشريعة في هذا الشأن منها:

1 - أن عقيدة الإسلام بطبيعتها تتسم بالسهولة واليسر، وليس فيها متناقضات أو مشاكل معقدة، ومن طبيعة الأمور الواضحة الميسورة أن يتقبلها الناس بسهولة ويسر، كما أن من طبيعة الأمور المعقدة المناقضة أن يرتاب الناس فيها، ويعرضوا عنها، وبالتالي تحتاج لكي يقبلها الناس إلى وسيلة لفرضها عليهم فرضًا، وإلجائهم إليها إلجاءً، وليس ذلك من طبيعة عقيدة الإسلام؛ فالإسلام يقرر أن الإيمان الذي يجيء عن طريق الإكراه لا قيمة له، ولا كرامة لصاحبه، فقد قال الله تعالى لفرعون حين أدركه الغرق، وقال: {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} (يونس: من الآية: 90) فيرد عليه الحق قائلًا: {أَالآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} (يونس: من الآية: 90، 91) وقال سبحانه: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} (غافر: 84، 85).

كما يقرر الحق سبحانه عدم الاعتداد بالتوبة التي يكون مبعثها الإكراه ومعاينة العذاب؛ قال تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (النساء: 18).

ومن الخصائص أيضًا: أن نصوص الشرعية الإسلامية أثبتت أن الإقناع بالعقيدة الإسلامية وسيلته الموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، شأنها في ذلك شأن رسالات السماء السابقة عليها، ولنستمع إلى نوح -عليه السلام- وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015