يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (الممتحنة: 8، 9) والآية نزلت في أسماء بنت أبي بكر، فيُروى عنها -رضي الله عنها- أنها قالت: ((قدمتْ أمي وهي مشركة في عهد قريش، إذ عاهدوا، فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله، إن أمي قدمت وهي راغبة -أي: راغبة في زيارتي- أفأصلها؟ قال: نعم، صِلِي أُمُّك)) على الرغم من أن هذه الأم لم تكن مسلمة، ومع ذلك أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بصلتها.
وقال الجصاص في (أحكام القرآن) في تفسير قوله: {أَنْ تَبَرُّوهُمْ}: هذا عموم في جواز دفع الصدقات إلى أهل الذمة، إذ ليس هم من أهل قتالنا، والإسلام يدعو إلى هذه الصلة الإنسانية، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قام بزيارة غلام لجاره اليهودي؛ فقد روي عن أنس: ((أنَّ غلامًا -من اليهود- كان قد مرض، فأتاه النبي -صلى الله عليه وسلم- يَعُوُدُه في هذا المرض، فقعد عن رأسه، فعرض عليه الإسلام، فقال أبوه: أطع أبا القاسم، فأسلم الولد، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه بي من النار)).
وكان -صلى الله عليه وسلم- يجيز وفود المشركين، ويتأَلَّف كبارهم، ويلين لهم القول، وكان يقول: ((إذا جاءكم كريمُ قوم فأكرموه)).
وأيضًا من ضمن المبادئ التي قامت عليها العلاقات الدولية في الإسلام: المساواة بين الناس، وفي ذلك نقول:
اهتم الناس بالمساواة، وقدروا من يدعوا إليها، ويعمل بها، وكان ذلك راجعًا إلى ما رأَوه من ظلم القوي للضعيف، بما جُبلت عليه النفوس من الكبرياء، والتعالي، والأثرة، واغتصاب الحقوق، ومن ثمَّ كان من أهم ما اهتمت به الأديان هو الحد من ذلك الظلم، والحيلولة بين الناس وبين