ثم نتحدث الآن عن وحدة الدين، فنقول:
والوحدة الإنسانية تقتضي وحدة الدين؛ فالشريعة الإسلامية امتداد للشرائع السابقة، فكل شريعة كانت مناسبة للزمان والمكان الذي أرسلت فيه، حتى إذا بلغت البشرية حدًّا من الاستعداد والحاجة إلى شريعة خاتمة كانت الشريعة الإسلامية؛ والرسالات السماوية تلتقي جميعًا في الأسس العامة، أما التفصيلات فإنها تختلف باختلاف ظروف كل شريعة، وفقًا للزمان والمكان الذي ظهرت فيه، والإسلام هو دين الأنبياء جميعًا، منذ وجد الإنسان على وجه الأرض، يقول تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلام} (آل عمران: من الآية: 19) فالأصول الكلية واحدة يقول تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} (الشورى: 13).
والدين هو الإسلام لدى الأنبياء جميعًا، يقول تعالى: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (آل عمران: 67) وقال تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (البقرة: 132، 133) والإسلام يأمر بالإيمان بجميع الرسل والأنبياء السابقين، يقول تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (البقرة: 136).
فالشريعة الإسلامية خاتمة الشرائع السماوية، جاءت لسعادة البشرية التي كانت متعطشة إليها؛ لإنقاذها مما تعانيه، وإخراجها من ظلمات الجهالة إلى نور الهداية