وقد اتسعت سلطة الولاة أو الأمراء في عهد الأمويين حتى أصبح شبه مطلقة في ولاياتهم، ولعل ما نقل عن الحجاج بن يوسف الثقفي في العراق أبرز مثال على ذلك، ولكن الأمر تغيّر بعد أن جاء الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز إلى الخلافة، فقد عمل على ردّ الأمور إلى نصابها الصحيح وحدّ من نفوذ كثير من هؤلاء الولاة بما يرفع مظالمهم ويردّ أذاهم عن الرعية.
وفي العهد العباسي تقلص نفوذ الأمراء وضعف شأنهم في أول الأمر، حينما قويت شوكة الخلافة وازدادت سلطة الدولة مما أدّى إلى تمركز السلطة كلها في يد الخليفة، بحيث أصبح الولاة أو الأمراء مجرد عمال لا يملكون إلا سلطات محدودة جدًّا تكاد تقتصر على إمامة الصلاة وقيادة الجند؛ لأن مهمة النظر في الشئون المالية قد انتقلت إلى صاحب المال، وانتقل النظر في الشئون القضائية إلى القاضي، ولكن الحال تبدّل وتغيّر في آخر حكم العباسيين إذ ضعفت الدولة وضعف معها مركز السلطة العامة أو سلطان الخليفة مما شجع على ازدياد نفوذ الأمراء حتى أعلن بعضهم الاستقلال عن السلطة المركزية في عاصمة الخلافة، وظهرت في المجتمع الإسلامية دويلات صغيرة يحكمها أمراء يرتبطون ظاهرًا فقط بالخلافة العباسية وهم في حقيقة الأمر مستقلون عنها تمام الاستقلال.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
3 - أنواع الإمارة على الأقاليم، وبيان الأسس التي قامت عليها العلاقات الدولية في الإسلام
أنواع الإمارة على الأقاليم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
فقد تحدثنا في المحاضرة السابقة عن أنواع الوَزارة في النظام الإسلامي وقلنا إنها تنقسم إلى وزارة تفويض، ووزارة تنفيذ، وبينا شروط الوزير في الوزارتين، وبينا أيضًا أوجه الاتفاق والاختلاف بين الوزارتين، ثم بدأنا الحديث عن الإمارة على الأقاليم.
أنواع الإمارة:
يقسم فقهاء السياسة الشرعية المسلمون الإمارة إلى نوعين: إمارة عامة، وإمارة خاصة.
ونتحدث الآن عن الإمارة العامة فنقول:
الإمارة أو الولاية العامة هي: أن تكون اختصاصات الأمير مطلقة في بلد من البلدان أو إقليم من الأقاليم، بحيث يملك الأمير النظر في جميع الأعمال بما في