الخليفة، قال الماوردي في هذا الشأن: فأما وزارة التفويض فهو أن يستوزر الإمام من يفوض إليه تدبير الأمور برأيه وإمضاءها على اجتهاده، فالحاصل أن سلطة وزير التفويض بشأن ما فوض فيه سلطة كاملة مستقلة عن الإمام، وصلاحياته من أوسع ما تكون حتى أنه يعتبر صاحب المركز الثاني بعد الخليفة في مناصب الدولة.
هذا ويشترط في وزير التفويض ما يشترط في الخليفة أو الإمام من شروط فيما عدا شرط النسب القرشي كما ذهب إلى ذلك الماوردي، بعكس مع ذهب إليه أبو يعلى الفراء الحنبلي فقد جعل شروط وزير التفويض هي نفس شروط الخليفة من غير استثناء فقال: ويعتبر في تقليد هذه الوزارة شروط الإمام، ونفضل في هذا الصدد الأخذ بما ذكره الماوردي الشافعي من استثناء وزير التفويض من شرط النسب القرشي؛ لورود النصوص في حق الإمام خاصّة فلا يقاس عليه غيره، وقد قال أبو بكر يوم الثقيفة للأنصار: نحن الأمراء وأنتم الوزراء، ولأنه يلزم من قصر الوزارة على القرشيين دون نصّ -الاستبداد والظلم الذي تحذر منه الشريعة الغراء وتنهى عنه، قال الماوردي بهذا الصدد: ويعتبر في تقليد هذه الوزارة شروط الإمامة إلا النسب وحده؛ لأنه ممضي الآراء ومنفذ الاجتهاد فاقتضي أن يكون على صفات المجتهدين فيحتاج فيها إلى شرط زائد على شروط الإمامة وهو: أن يكون من أهل الكفاية فيما وكّل إليه من من أمري الحرب والخراج خبرة بهما ومعرفة بتفصيلهما، فإنه مباشر لهم تارة ومستنيب فيهما أخرى فلا يصل إلى استنابة الكفاءة إلا أن يكون منهم، كما لا يقدر على المباشرة إذا قصّر عنهم، وعلى هذا الشرط مدار الوزارة وبه تنتظم السياسة.