2 - واجبات القيادة: تتسم القيادة وفق توجيهات الإسلام بأنها قيادة سوية لا هي متسلطة فظة، وفق الاتجاه المتطرف في الفكر الإداري العلمي، ولا هي قيادة متراخية غير مبالية، وفق الاتجاه المتطرف في الفكر الإداري الإنساني، بل نجدها بين ذلك قواما، ويتمثل هذا الاتجاه السوي في القيادة الإسلامية في قوله تعالى مخاطبًا رسوله الكريم، باعتباره قائد الأمة الإسلامية: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (آل عمران: 159).
وفي ضوء هذا الاتجاه القويم للقيادة السوية، نعرض لواجبات القيادة الأساسية في الإسلام، والتي تعكس خصائصها باعتبارها تمثل مقدرة التأثير في الآخرين، فكرًا وسلوكًا.
المشاورة فقد أمر الله رسوله الكريم في الآية السابقة بالمشاورة، وهو ما يقتضي مشاورة القائد أفراد مجموعته، فيما يتخذ من قرارات ويمضيه من تصرفات، وذلك باستطلاع آرائهم في مرحلة إعداد القرار للوقوف على وجهات نظرهم، فإذا ما انتهى إلى رأي مقنع أمضاه، وأصدر قراره على مقتضاه، فالقائد هنا لا ينفرد باتخاذ القرار على نحو ما تجري عليه القيادة المتسلطة، ولا يترك للجماعة أمر اتخاذ القرار بنفسها على نحو ما تأخذ به القيادة المتراخية، إنها قيادة وسط بين الفردية والجماعية، إن هذا الواجب يفرض على أفراد الجماعة بالمقابل واجب الأمانة والإخلاص في إبداء الرأي عند طلبه منهم.