ويسمو هذا التعاون في الإسلام محققًا التكافل الاجتماعي في أجلى صوره الإنسانية؛ والتي لم يرق إليها الفكر البشري بعد في أي من مذاهبه الاجتماعية؛ عندما يأمر من عنده فائض أو وفرة في أي شيء بالمبادرة إلى تلبية حاجة الآخرين منه؛ إذ يقول -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان عنده فضل ظهر -أي: دابة- فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له)).

ويرتبط التعاون بالرحمة، بل ويستند إليها وهي أساس رسالة الإسلام، إذ يخاطب المولى -سبحانه وتعالى- رسولنا -عليه أفضل الصلاة والسلام- فيقول: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِين} (الأنبياء: من الآية: 107) ويصف الحق -تبارك وتعالى- نفسه بأنه الرحمن الرحيم، ويقول جل جلاله: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء} (الأعراف: من الآية: 156).

ويقول الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: ((من لا يرحم الناس لا يرحمه الله)) كما يقول: ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه)) ويسبغ التعاون والرحمة سلوك الفرد بطابع إنساني يتسم بالرفق، سواء مع الإنسان أو مع الحيوان، فهما -أي: التعاون والرحمة- من أسمى القيم الإنسانية في الإسلام التي تحقق ترابطًا اجتماعيًّا فعالًا؛ وعلاقات عمل بناءة.

ومما يتصل بالعلاقات الإنسانية في مجال العمل والتي وجهها الفكر الإداري الإسلامي: القصد والاعتدال:

إذ يقتضي السلوك السوي الذي يدعو إليه الإسلام القصد والاتزان في العمل والانضباط؛ والرشد في التصرف، فلا تهاون، أو تعنت، ولا تقطير، أو إسراف، ولا سلبية أو جمود، ولا انطلاق بلا ضوابط أو حدود.

وقد وضع لنا القرآن الكريم القاعدة السليمة في هذا الصدد، حين يصف سبحانه المؤمنين فيقول: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015