الرسول الكريم: ((اسمعوا، وأطيعوا، وإن استُعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه ذبيبة)) إنها المساواة في أسمى صورها الإنسانية، ولم يستخدم الإسلام في هذا الصدد لفظ السلطة؛ تجنبًا لما قد يوحي به من نزعة التحكم والتسلط، التي أخذت على الفكر الإداري العلمي، وحاول الفكر الإداري الإنساني التخفيف من وقعها السيئ.
وحسب الإسلام في هذا الخصوص أنه أمر -حرصًا على انتظام الجماعة وانضباط أعضائها، حفاظًا على كيانها- بإطاعة أولي الأمر في الجماعة، وهم أصحاب السلطة المخولون صلاحية اتخاذ قرارات وتصرفات ملزمة؛ وتقترن السلطة في الإدارة بالمسئولية أي: المحاسبة على ممارستها، فلا توجد إحداهما دون الأخرى أي: أن السلطة مسئولة فلا بد من المسئولية، ليس هناك سلطة بدون مسئولية.
والإسلام يأخذ بالعمل المسئول، والمسئولية هنا شخصية، فكل شخص محاسب على ما جنته يداه، ولا تتعدى مسئوليته إلى سواه، وهو ما بينته الآيات الكريمة إذ يقول -سبحانه وتعالى-: {وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (النحل: من الآية: 93) ويقول تعالى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} (الطور: من الآية: 21) ويقول -تبارك وتعالى-: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَة} (المدثر: 38) ويقول -تبارك وتعالى-: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (الأنعام: من الآية: 164) ويقول -تبارك وتعالى-: {قُلْ لا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (سبأ: 25).
والمسئولية في الإسلام لا تقتصر على النشاط البدني، بل تشمل أيضًا النشاط الذهني فيقول -جل جلاله-: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (الإسراء: من الآية: 36) فالإنسان مسئول فكرًا وسلوكًا.