الأمر الأول: أن يكون متفقًا مع روح الشريعة، معتمدًا على قواعدها الكلية، ومبادئها الأساسية.
الأمر الثاني: ألا يناقض مناقضة حقيقية دليلًا من أدلة الشريعة التفصيلية التي نقصد بها الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، وهذه الأدلة التفصيلية هي التي ثبتت شريعة عامة للناس في جميع الأزمان، وفي جميع الأحوال.
وعلى ذلك إذا لم يكن هناك دليل تفصيلي من كتابٍ، أو سنة، أو إجماعٍ، أو قياس قد دل على خلاف حكم السياسة، أو كان هناك مخالفة، ولكن تلك المخالفة ظاهرية، وليست حقيقية، أو علم أن ما دل عليه الدليل التفصيلي لم يقصد ليكون شريعة عامة، وإنما كان لحكمة خاصة، وسبب لا وجود له في غير واقعة الحكم؛ عندئذ لا تكون مخالفة حكم السياسة مخالفة لأدلة الشرع وأحكام الإسلام.
وبالتطبيق على ما ذكرناه فإنه لا يعد مخالفةً شرعية، وإنما يعتبر من أحكام السياسة الشرعية الأمور التالية:
الأمر الأول: ما فعله سيدنا أبو بكرٍ الصديق رضوان الله -تبارك وتعالى- عليه من جمع القرآن في مصحفٍ واحد؛ فسيدنا أبو بكر -رضوان الله تبارك وتعالى- عليه رأى أن المصلحة تكمن في أن يجمع القرآن في مصحفٍ واحد، وفعل ذلك لأن مصلحة الناس، ومصلحة المسلمين تقتضي ذلك، والمصلحة إنما تدخل في باب السياسة الشرعية.
وأيضًا الأمر الثاني: ما أنشأه عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- من الدواوين، والدواوين: تشبه الآن المكاتب الحكومية التي تدون فيها أسماء الموظفين،