وعليه نخلص مما تقدم إلى التوجيهين التاليين في مجال الفكر الإداري الإسلامي:
1 - أن المؤمن مطالب بعمل الصالحات جميعًا، سواء ما يتعلق منها بالصالح الفردي للعامل، أو الصالح الجماعي للمنظمة، ويقتضي السلوك المعتدل المنبثق عن ذاتية الإسلام تحقيق التوازن في العمل، بين مصالح الفرد ومصالح الجماعة.
2 - أن عمل الصالحات -وهي الأعمال التي تتوخى إصلاح حال الفرد والجماعة- يجب أن يصدر عن إيمان، حتى يحقق ثمرته المرجوة؛ ولذا فالإسلام عمل عقيدة وعقيدة عمل، وهذا هو المدخل العقائدي لأي عمل إصلاحي، والمتعين الأخذ به لنجاح الإصلاح الإداري في موضوع الإدارة العامة، ويتطلب ارتباط الإيمان بالعمل في أي من مجالات الإصلاح توفير الدعوة اللازمة لهذا الإصلاح؛ والتوعية الكافية به لنجاح تطبيقه.
ومن خصائص العمل في الإسلام: أنه ينبغي أن يكون مخططًا، فإن تحقيق الهدف والتخطيط يمثلان الجانب الفكري للعمل، والسابق على إنجازه، فالإنسان الذي ميزه على سائر مخلوقاته بالعقل يصدر في أعماقه وتصرفاته عن تفكير مسبق؛ يتناول تحديد أهداف أعماله، ومقاصدها، والإعداد -أي: التخطيط لها، فالإنسان العاقل يُسائل نفسه ابتداء قبل الإقدام على مباشرة أي عمل: لماذا يقوم به؟ ويجيب عليه في ضوء ما يهديه إليه تفكيره وتحركه إليه؛ دافعًا في ذلك أنه يحدد بدقة وفي وضوح ما يستهدفه بعمله، وفي ضوء تحديده للهدف يبدأ في الإعداد والتحضير لهذا العمل؛ بالبحث في أفضل الأساليب والوسائل لإنجازه، وأنسب الأشخاص والأمكنة والأوقات لإنجازه، وهي عملية التخطيط للعمل -أي: الإعداد له- والتي تعني بها الإدارة باعتبارها تنظيم نشاط بشري جماعي هادف.