ثالثًا: ومن الردود التي ردّ بها الجمهور على الإمامية الشيعة: قالوا: أنه لما مرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طلب العباس من عليّ أن يذهبا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيسألاه فيمن أمر بالخلافة ولم يوافقه عليّ على هذا، والقصة كما رواه البخاري هي: "أن العباس أخذ بيد علي بن أبي طالب في وجعه -أي: في مرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي توفى فيه- قائلًا له: اذهب بنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنسأله فيمن هذا الأمر، فإن كان فينا علمنا ذلك، وإن كان في غيرنا كلمناه فأوصى بنا، فقال علي: إنا والله لئن سألناها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمُنعناها لا يعطيناها الناس بعده، وإني والله لا أسألها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
والتعقيب على ذلك: أنه لو كان هناك نصّ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إمامة علي لما كان هناك داع إلى هذا الحوار الذي دار بين علي والعباس، فموقفهما يدلّ على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم ينصّ على إمامة علي -رضي الله عنه.
رابعًا: ومن الردود التي ردّ بها الجمهور على الإمامية الشيعة: قالوا: أنه قد نُقل متواترًا عن الصحابة أنهم كانوا يعتقدون أنه لا نصّ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إمامة أحد، فبدعة النصّ الجلي إذًا لم يعتقدها الصحابة ولم تشتهر في عصر التابعين، فلو كان هناك نصّ جليّ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إمامة عليّ بن أبي طالب والأمر كذلك فلا يخلو حال الصحابة من أحد أمرين: إما أن يكون هذا النص الجلي قد بلغهم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكنهم أخفوه، أو لم يبلغهم هذا الخبر من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصلًا، فأما احتمال أن يكون هذا النص قد بلغهم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكنهم كتموه فهو احتمال باطل يُنبئ عن عفنٍ فكري وعن زيغ في العقيدة وهوى وغرض في المجادلة؛ وذلك لأن هذا الاحتمال هو في حقيقته اتهام لصاحبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعدم امتثال أوامر الله ورسوله مع أن فيهم السابقين الأولين من المهاجرين