العمل لله -تبارك وتعالى- ولذلك يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) ولذلك كما قلنا: أكد الإسلام في نفس الوقت أن التقوى ومبادئها لا تعني أداء الواجبات في الظاهر فقط، وإنما الهدف منها مرضاة الله؛ لأن الفرد سوف يحاسب على جميع ما يؤديه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.
ونأتي إلى القاعدة الرابعة من القواعد التي حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرسيها في تنظيمات الإسلامية في مكة، وهذه القاعدة تعني: التأكيد على وحدة الرسالات، وأنها تستمد تعاليمها جميعًا من نبعٍ واحد هو الله -سبحانه وتعالى- وذلك للقضاء على تعدد المعتقدات في الحياة القبلية، وما صاحب نظمها الدينية من وثنية وشركٍ وحيرة أيضًا بين أتباع المسيحية أو اليهودية، فأوضح القرآن الكريم أن الدعوة الإسلامية تصديق لما جاء في الكتب السماوية، ودعوة للعرب خاصة باتباع ملة أبيهم إبراهيم فقال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} (الشورى: 13).
فإذن: وحدة الرسالات دعى إليها الإسلام لأن الرسالات كلها تدور على معنى واحد وهو توحيد الله -تبارك وتعالى- والإسلام هو أساس هذه الديانات جميعًا يقول -تبارك وتعالى-: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلام} (آل عمران: من الآية: 19) ويقول أيضًا: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران: 85) فإذن: الرسالات جميعها إنما جاءت لأمرٍ واحد وهو توحيد الله -تبارك وتعالى- هذا هو ما حث عليه الدين الجديد، وهذا كان مخالفًا لما كان معروفًا في النظم القبلية قبل بعثة