ثانيًا: أن العقل يقضي بقبح تقديم المفضول على الأفضل في إقامة قوانين الشريعة, وحفظ حوزة الإسلام.
ثالثًا: أن الأفضل أقرب إلى انقياد الجماهير له, واجتماع الآراء على متابعته.
هذه هي أدلة القائلين بعدم جواز إمامة المفضول.
أدلة القائلين بجواز إمامة المفضول:
استدل القائلون بجواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل بأدلة:
أولًا: قالوا: إن الستة الذين رشحهم عمر للخلافة بعده, كان فيهم -بإجماع الأمة- الفاضل, والأفضل, ومع ذلك فقد أجاز عمر أن يعقد لواحد منهم إذا اجتمعوا عليه, ورأوا مصحلتهم في توليته, وهذا يدل على أنه لا يشترط أن يكون الإمام أفضل الناس.
ثانيًا: أجمع العلماء على انعقاد الإمامة بعد الخلفاء الأربعة لبعض القرشيين, كمعاوية مثلًا, مع أنه كان في بقايا الصحابة من هو أفضل منه ممن أنفق من قبل الفتح وقاتل.
ثالثًا: أن الأفضلية أمر خفي قد لا يتطلع عليها أهل الحل والعقد, وربما يؤدي تحري الأفضلية إلى وقوع النزاع, وتشويش الأمر.
هذه هي أدلة القائلين بأنه يجوز تولية المفضول مع وجود الأفضل.
وبعد فإننا نرى بعد استعراض أدلة كل من الفريقين, أنه يجب أن يصار إلى القول بأنه يجب تقديم الأفضل, وإذا كنا نقول بوجوب تقديم الأفضل فإننا نقول: إنه إذا لم يتم ذلك وقدم المفضول فبايعه أهل الحل والعقد, وهم الذين يمثلون الأمة, فإن الإمامة حينئذ منعقدة له, ولا نقول بعدم انعقادها؛ لئلا يؤدي ذلك إلى وقوع الفتن, وإلى وقوع الفساد.
وبهذا نكون قد انتهينا من الحديث عن الشروط الواجب توافرها في الإمام الأعظم أو رئيس الدولة.