وأصول الدين ليست من هذا القبيل وإنما هي من الفروض العينية التي لا تسقط عن واحد من المكلفين، بل نرى العلماء يصرحون بأن البعيد عن الخوض في مسائل الإمامة أسلم في دينه من الخائض فيها، فهذا معناه أن الإمامة ليست من أركان العقيدة وإنما هي فرع من الفروع كما قلنا، وإننا نجد العلماء يصرحون بأن مباحث الإمامة مكانها الطبيعي ليس هو علم الكلام.
وإنما المكان الطبيعي هو علم الفقه يقول بعضهم: لا نزاع أن مباحث الإمامة بعلم الفروع أليق؛ لرجوعها إلى أن القيام بالإمامة ونصب الإمام الموصوف بالصفات المخصوصة من فروض الكفايات، وهي أمور كلية تتعلق بها مصالح دينية أو دنيوية لا ينتظم الأمر إلا بحصولها فيقصد الشارع تحصيلها في الجملة من غير أن يقصد حصولها من كل واحد، ولا خفاء في أن ذلك من الأحكام العملية دون الاعتقادية، ولكن لما شاعت بين الناس في باب الإمامة اعتقادات فاسدة واختلافات بل اختلاقات باردة سيما من فرق الروافض والخوارج، ومالت كل فئة إلى تعصبات تكاد تفضي إلى رفض كثير من قواعد الإسلام ونقد عقائد المسلمين والقدح في الخلفاء الراشدين، مع القطع أنه ليس للبحث عن أحوالهم واستحقاقهم وأفضليتهم كثير تعلق بأفعال المكلفين ألحق المتكلمون هذا الباب بأبواب الكلام.
فهذا القول من الباحثين في موضوع الإمامة يبين أن الإمامة البحث فيها إنما يكون في علم الفروع وليس في العقائد، ليس في علم الكلام وإنما في علم الفقه، ثم يبين أنه أراد الفقهاء أن يردوا على الشيعة الذين يجعلونها من العقائد، ردوا عليهم فكان الرد المناسب أن يردوا عليهم في العقائد التي كتبوا فيها حتى يستطيع الناس أن يتبينوا الحق من الضلال.
نكتفي بهذا القدر، أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.