الدِّينِ} قال ابن كثير في تفسيره: أي لا تكرهوا أحدًا على الدخول في دين الإسلام؛ فإنه بين، واضح، جلي دلائله وبراهينه، لا تحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه، بل من هداه الله للإسلام، وشرح صدره، ونوّر بصيرته، دخل فيه على بينة، ومن أعمى الله قلبه، وختم على سمعه وبصره؛ فإنه لا يفيده الدخول في الدين مُكرهًا مقصورًا.
وقال بعض المفسرين: أي لم يجد الله تعالى أمر الإيمان على الإجبار والقصر، ولكن على التمكين والاختيار ونحوه، يقول تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} أي لو شاء لقصرهم على الإيمان، ولكن لم يفعل وبنى الأمر على الاختيار.
2 - حرية الرأي والتفكير:
من المقرر في النظام الإسلامي أن أعظم ما يتميّز به الإنسان عن سائر المخلوقات هو العقل؛ ولذلك نجد القرآن الكريم يشجّع الناس على إعمال العقل باستمرار؛ ليقودهم إلى الحق والصواب، ففي آيات القرآن كثيرًا ما ترد عبارات: {يَعْقِلُونَ} (العنكبوت: من الآية: 35) {يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: من الآية: 21) {يَعْلَمُونَ} (البقرة: من الآية: 230) {يَتَدَبَّرُونَ} (النساء: من الآية: 82) {يَفْقَهُونَ} (الأنعام: من الآية: 65) {لَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَاب} (الزمر: من الآية: 21).
والقرآن الكريم بذلك إنما يريد أن يقيم حياة الإنسان دائمًا على أساس من العلم والمعرفة، القائمة على النظر والاستنباط، والتفكير في مخلوقات الله في السماوات والأرض؛ ولذا فحرية التفكير للإنسان مكفولة في الإسلام منذ نشأته، ما دام يعتصم بسياج الدين والشرع دائمًا، وصحيح أن هذا الحق كان مكفولًا دائمًا للإنسان في القرنين الأول والثاني من الهجرة، وهو إن كان قد تعرض بعد ذلك