ويقرر بعض الفقهاء: أن وجود سورة في كتاب الله تعالى، وهي سورة الشورى تسمى باسم هذا المبدأ، وجعل الشورى من أوصاف المؤمنين، ثم الأمر بها صراحة في سورة أخرى إنما هو دليل على اهتمام الشارع بالشورى وجعلها من الأسس التي يقوم عليها نظام الحكم في الإسلام وما يتعلق بتدبير الشئون الإسلامية.
كما يذهب هذا الرأي إلى أن دلالة الآية الأولى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} أقوى في دلالتها على الشورى والدعوة لاستخدامها من الآية الثانية وهي التي تقول: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} لأن الآية الأولى أمر للرسول -صلى الله عليه وسلم- في حين أن الثانية لا تفيد سوى أن الشورى تعتبر من أوصاف المؤمنين الحميدة.
ويقرر الشيخ رشيد رضا أن الإمام محمد عبده يرى: أن في سورة آل عمران آية أخرى أقوى في دلالتها على وجوب الشورى وقيام الحكم عليها من آية: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} من السورة نفسها، وهذه الآية هي قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران: 104).
وترجع قوة دلالة هذه الآية كما يذهب الإمام محمد عبده من دلالة الآية الواردة في سورة الشورى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} لأن دلالة الآية الأخيرة، وهي قوله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} إنما تعني: أن الشورى وصف خبري لحال طائفة مخصوصة أكثر مما يدل عيه أن هذا الشيء ممدوح في نفسه، ومحمود عند الله -تبارك وتعالى- كما أن دلالتها أقوى من دلالة قوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} لأن دلالة الأخيرة، وهي قوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} إنما تعني: وجوب المشاورة على الرئيس، ولكن إذا لم يكن هناك ضامن يضمن امتثاله لهذا الوجوب، فبماذا يكون إذا تركه ولم يمتثل إلى ما أمر به الشارع؟ في حين أن هذه الآية، وهي