أقول: ويتحقق فيها معنى مناسب يصلح أن يكون مناطًًا لحكم شرعي، ووفقًا للرأي الراجح فإن المصالح المرسلة تعتبر مصدرًا من مصادر التشريع -كما قلنا- هذه المصالح المرسلة من الأدلة الشرعية المختلف فيها، بعض الفقهاء لا يأخذ بهذه المصالح المرسلة، ولا يعتبرها دليلًا من أدلة الأحكام، وبعض الفقهاء أخذ بهذه المصالح المرسلة، واعتبرها أدلة من أدلة الشرع.
الذين قالوا بأنها أدلة من أدلة الشرع، واعتبروا هذه المصالح المرسلة إنما هم في الحقيقة يطبقون مبدأ السياسة الشرعية؛ لأن السياسة توجد حيث توجد المصلحة، فإذا كانت هناك مصلحة للمسلمين؛ وجدت السياسة الشرعية، وأخذ بأحكام هذه السياسة الشرعية، نقول: وفقًًا للرأي الراجح؛ فإن المصالح المرسلة تعتبر مصدرًا من مصادر التشريع، إذ المتتبع لفقه الأئمة يجدهم يأخذون بالمصلحة المرسلة باعتبارها طريقًا من طرق الاستدلال بالنصوص، ولا يرفض الأخذ بهذه الطريقة أحد، إلا أنهم يطلقون عليها أسماء أخرى غير الاستدلال المرسل، أو المصلحة المرسلة -يعني: إذًن المسألة خلافية بين الفقهاء -كما قلنا- البعض يأخذ بهذه المصالح المرسلة، والبعض لا يأخذ بها.
ومن ناحية أخرى فإن أحدًًا منهم -يعني من الفقهاء- لا يترك النصوص الشرعية بالمصلحة، وإنما تطبق قواعد الترجيح بين الأدلة على تعارض المصلحة مع نصٍ شرعي -يعني: خلاصة القول في هذا: أن هذه المصالح -التي لم يقم دليل من الشرع على اعتبارها، أو لم يكن هناك دليل على إلغائها- أقول: لا ينظر باتفاق الفقهاء إلى هذه المصلحة إذا كان هناك نص شرعي يخالفها؛ لأنه إذ وجد نص شرعي يخالفها.
معنى ذلك: أنها مصالح ملغاة، مصالح ليست معتبرة شرعًًا؛ ولذلك هناك خلاف في المصالح المرسلة عندما لا يوجد نص يدل على إلغاءها؛ ولذلك إذا