وأما بالنسبة للعطاء عند عمر، فقد رأى عمر -رضي الله عنه- عدم التسوية بين الناس في العطاء -كما رأينا- وجعل عمر -رضي الله عنه- العطاء كل سنة أي ثابتًا في دورته أيضًا، فهو يقول: فإني أرى أن أجعل العطاء كل سنة، وأجمع المال فإنه أعظم للبركة.
أيضًا كانت العوامل الموجبة لتفضيل بعض الناس على بعض في العطاء في نظر عمر عوامل مختلفة، من بينها ما يقوم به من الأمور، وما يؤديه من عمل، وعلى ما يُصلح معيشته، وعلى قدر فضله أو سبقه أو قدمه في الإسلام، فالرجل وجهاده في الإسلام، والرجل وقدمه في الإسلام، والرجل وغناه في الإسلام، والرجل وحاجاته في الإسلام.
كان عمر -رضي الله عنه- يميل أيضًا إلى المساواة في العطاء إذا وفّر المال وكفى لذلك، يقول أبو عبيد: وقد كان رأي عمر الأول التفضيل على السوابق، والغناء عن الإسلام، وهذا هو المشهور من رأيه، وكان رأي أبي بكر التسوية، ثم قد جاء عن عمر شيء شبيه بالرجوع إلى رأي أبي بكر.
ومن هنا نرى أن الخليفة أبا بكر -رضي الله عنه- رأى في العطاء معاشًا ثابتًا، بينما رآه عمر بن الخطاب جزاء عمل أو فضل في الإسلام، ولكنه في النهاية رجع إلى رأي أبي بكر.
أخذ الزكاة في العطاء: قد ثبت أن الزكاة كانت تُستحق على العطاء في زمن الخلفاء الراشدين، رُوي عن هبيرةَ ابن مريم، قال: كان عبد الله بن مسعود يعطينا العطاء في زِبْلِس فصغار -ومعناه القفة- ثم يأخذ منه الزكاة. وأيضًا روي أنه كان عمر بن الخطاب إذا خرج العطاء أخذ الزكاة من شاهد المال عن الغائب والشاهد.