بذاتها ولا بالقوة، وفي العصر الحاضر ظهرت أموال نامية بالفعل لم تكن معروفة بالنماء والاستغلال في عصر الاستنباط الفقهي، وهي أدوات الصناعة التي تعتبر رأس مال للاستغلال وهي وسيلة الاستغلال بالنسبة لصاحبها، مثل صاحب مصنع كبير يستأجر العمال لإداراتها، فإن رأس ماله للاستغلال هي تلك الأدوات الصناعية، فهي بهذا الاعتبار تعد مالًا ناميًا؛ إذ الغلة تجيء إليه من هذه الآلات فلا تعد كأدوات الحداد الذي يعمل بيده، ولا أدوات النجار الذي يعمل بيده، وهكذا؛ ولهذا رأى العلماء المحدثون أن الزكاة تجب في هذه الأموال باعتبارها مالًا ناميًا، وليست من الحاجات التي تعد بإشباع الحاجات الشخصية بذاتها، فيقول فقهاء حلقة الدراسات الاجتماعية في هذا الشأن:
وإذا كان الفقهاء لم يفرضوا الزكاة في أدوات الصناعة في عصورهم، فلأنها كانت أدوات أولية لا تتجاوز الحاجة الأصلية للصناعة والإنتاج لمهارته، فلم تعتبر مالًا ناميًا منتجًا، إنما الإنتاج فيها للعامل، أما الآن فإن المصانع تعد أدوات للصناعة نفسها رأس مالها النامي؛ ولذلك نقول: إن أدوات الصناعة التي يملكها صانع يعمل كأدوات الحلاق الذي يعمل بيده ونحوه تعفى من الزكاة؛ لأنها تعد بالنسبة إليه من الحاجات الأصلية، أما المصانع فإن الزكاة تفرض فيها، ولا نستطيع أن نقول: إن تلك مخالفة لأقوال الفقهاء؛ لأنهم لم يحكموا عليها إذ لم يروها، ولو رأوها لقالوا مثل مقالتنا، فنحن في الحقيقة لم نخرج على أقوالهم، أو نطبق المناط التي استنبطوه في فقههم -رضي الله عنه- يراجع في ذلك حلقة الدراسات الاجتماعية للدول العربية صـ241 وما بعدها.
وتنصّ التوصية الثلاثة من توصيات المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية في شأن زكاة المصانع على أنه: