ما يستخرج من البحر فيه حق واجب، واختلف في مقدار هذا الواجب: هل هو الخمس كما يعامل الركاز؟ أو هو العشر كما يعامل الزرع؟ أو هو ربع العشر كما تعامل الدراهم والدنانير؟ أقوال ثلاثة للعلماء ذكرها أبو عبيد في كتابه (الأموال) صـ433 وما بعدها، ونحن نرجح ما يراه البعض من أن قدر هذا الواجب ينبغي أن يخضع تحديده لمشورة أهل الرأي؛ لأن التشريع قد فاوت بين المقادير الواجبة في الحبوب والثمار تبعًا لتفاوت الألفة والجهد في سقي الزرع، فجعلها نصف العشر إن سقي الزرع بآلة، وجعلها العشر إن سقي بغير آلة، فكذلك الأمر بالنسبة لما يستخرج من البحر ينبغي أن يتفاوت مقدار الواجب تبعًا لتفاوت الكلفة والجهد في سبيل الحصول عليه، فيكون الخمس إذا قلّت الكلفة والجهد، ويكون العشر إذا زادت الكلفة والجهد.
ونحن نرى أن الرأي الراجح هو الذي يفرض حقًّا في كل ما يستخرج من البحر وهو ما نختاره؛ لأنه كيف يعفى من هذا الحق الواجب من استخرج لؤلؤة ذات قيمة مرتفعة جدًّا وتفرض الزكاة في نفس الوقت في الحاصلات الزراعية ضعيفة القيمة إلى حد ما إذا ما قرنت بالجواهر الكريمة التي تستخرج من البحر، فهذا الرأي إذن يؤدي إلى تحقيق العدالة وتحقيق العمومية المادية في الزكاة على الوجه الأكمل وبالتالي يحقق المساواة بين المواطنين في تحمل الأعباء العامة المالية المقررة في الدولة.
وأيضًا من ضمن الأشياء التي اختلفوا فيها، اختلفوا في وجوب الزكاة فيما يستخرج من البحر من الأسماك على الوجه التالي:
يرى بعض الفقهاء أنه ليس في هذه الأسماك زكاة، ويرى البعض الآخر أن ما يستخرج من البحر من الأسماك فيه حق واجب إذا بلغ النصاب مستدلًّا على