ثم ننتقل بعد ذلك إلى ما تجب فيه الزكاة من الحرث، أي ما تنبته الأرض من زراعات، نقول ما تنبته الأرض ثلاثة أنواع: الحبوب، والخضروات، والثمار. وهذه الأنواع الثلاثة قد تناولها الفقهاء بالبحث والدراسة من حيث وجوب الزكاة فيها، وقد اتفقوا على وجوب الزكاة في بعضها، واختلفوا في البعض الآخر، ودافع كل فريق على ما ذهب إليه، وسوف نلقي الضوء على هذه الزكاة، فنتكلم الأول عن وجوب الزكاة في الحبوب، نقول: اتفق الفقهاء قاطبة على وجوب الزكاة في الحنطة، والشعير، والمقصود بالحنطة هنا هو القمح، هذا باتفاق يعني أنهم أوجبوا الزكاة في الحنطة والشعير هذا باتفاق.
ثم بعد ذلك تفاوتت وجهات نظرهم، وتباينت آراؤهم فيما سوى ذلك من الحبوب، ففي حين يرى بعضهم أنه تجب الزكاة فيما جميع ما يُقتاد ويدخر يرى البعض الآخر وجوبها في كل ما تنبته الأرض، ولذلك سوف نذكر أدلة الفقهاء في هذا -كما قلنا- يعني اختلفوا في هذا بعد اتفاقهم على وجوب الزكاة في الحنطة والشعير اختلفوا بعد ذلك في الحبوب التي تجب فيها الزكاة، بعض الفقهاء قال بأن الزكاة تجب في الحبوب في كل ما يُقتات ويدّخر من الحبوب.
بعض الفقهاء أن الزكاة إنما فيما يقتات ويدخر من الحبوب، يعني لابد أن توجد صفتان في الحب أو الزرع حتى نقول بأنه تجب فيه الزكاة، أولًا أن يكون مقتاتًا يعني يستطيع الإنسان أن يأكله، ويعيش عليه، وأيضًا أن يمكن ادخاره، من الممكن أن يدخره الإنسان ويستفيد به في مدة عامه، هؤلاء استدلوا على ما ذهبوا إليه بقول الله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (الأنعام: من الآية: 141).