استنادًا لعموم قوله -صلى الله عليه وسلم-: في زكاة الإبل ((في كل خمس شاة)) وبهذا عمل أهل المدينة وليس عندهم أصل في ذلك.
إذن معنى ذلك أنه لا يشترط حتى تجب الزكاة في الماشية أن تكون سائمة، ولا أن تكون غير معلوفة، فعنده في هذا القول -أي عند مالك- أن الزكاة تجب في الماشية حتى ولو كانت معلوفة، يعني يقوم صاحبها بعلفها، وحتى ولو كانت عاملة يعني يستعملها صاحبها في عمل الزراعة، والإمام مالك عندما أوجب الزكاة في العاملة والمعلوفة استند في ذلك -كما قلنا- إلى عموم الحديث الذي يقول فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالنسبة للإبل: ((في كل خمس شاة)) وعندما قال -صلى الله عليه وسلم-: ((في كل خمسة شاة)) يعني في كل خمس من الإبل شاة، جاء الحديث عامًّا، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يفرق بين ما إذا كانت هذه معلوفة أو غير معلوفة، ولم يفرق بين ما إذا كانت هذه تعمل أو لا تعمل؛ لذلك الإمام مالك نظر إلى هذا العموم الوارد في الحديث، وأوجب الزكاة في الماشية حتى ولو كانت عاملة، حتى ولو كانت معلوفة.
لكن للجمهور أدلة في اشتراط السوم لوجوب الزكاة، فالجمهور استدلوا على أنه يشترط السوم لوجوب الزكاة، والسوم -كما قلنا- أن ترعى الماشية في كلأ مباح، استدلوا على ذلك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((في كل سائمة في كل أربعين بنت لبون)) فدل ذلك على أنه لا زكاة في غيره، فهم يقولون بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نص في هذا الحديث على السوم، فقال: ((في كل سائمة)) وبمفهوم المخالفة أن غير السائمة وهي المعلوفة لا تجب فيها الزكاة، فإذن استدل الجمهور على أنه يشترط السوم لوجوب الزكاة في الماشية استدلوا بهذا الحديث وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((في كل سائمة في كل أربعين بنت لبون)) فهذا حديث -كما قلنا- يدل بمفهوم المخالفة على أن التي تُعلف لا زكاة فيها.