ثالثًا: موقف الفقهاء من المحل الذي تؤثر فيه الخلطة:

ويقصد بذلك: هل تؤثر الخلطة في قدر الواجب فقط؟ أم تؤثر في قدر الواجب والنصاب معًا؟

بالنسبة لهذه المسألة نجد أن الفقهاء قد اختلفوا إلى فريقين:

الفريق الأول: يرى أن الخلطة إنما تؤثر في قدر الواجب فقط.

الفريق الثاني: يرى إنما تؤثر في قدر الواجب والنصاب معًا.

فأصحاب الرأي الأول بعد أن ثبت لديهم تأثير الخلطة في قدر الواجب بقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما يتراجعان بالسوية)) وقفوا عنده، ولم يقيسوا عليه النصاب، ورأوا أن الخالطين إنما يزكيان زكاة الرجل الواحد، إذا كان لكل واحد منهما نصاب، بينما لم يقتصر على ذلك أصحاب الرأي الثاني، وإنما راحوا يقيسون النصاب على قدر الواجب، ورأوا أن الخلطين أو أكثر نصاب الرجل الواحد، كما أن زكاتهما زكاة الرجل الواحد، وتبعًا لهذا الاختلاف اختلف المعنى المفهوم من قوله- صلى الله عليه وسلم-: ((لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع)) وحمل كل من الرأيين هذا الحديث على ما ذهب إليه.

خلاصة القول في هذا أن الرأي الراجح في المسالة أنه: لا يشترط أن يكون مال كل واحد من الخلطين على حدة قد بلغ نصابًا، حتى نقول بتأثير الخلطة في الزكاة، وإنما يكفي -كما قلنا- أن يوجد النصاب من مجموع المالين فقط.

ونحن نختار ما عليه أصحاب الرأي الثاني، عملًا بالقياس حيث إن القياس معتبر شرعًا، طالما ليس هناك نص يخالفه، ومسألتنا هذه قد دل النص كما تقدم على ثبوت تأثير الخلطة في قدر الواجب، فيقاس عليه النصاب، وبذلك يكون المحل الذي تؤثر فيه الخلطة هو قدر الواجب والنصاب معًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015