ويحتمل أن يكون قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع)) إنما هو نُهي للسعاة أن يقسموا ملك الرجل الواحد قسمة توجب عليه كثرة الصدقة مثل: أن يكون لرجل مائة وعشرون شاة، فيقسموه عليه إلى أربعين ثلاثة مرات، أو يُجمع مِلك رجل إلى رجل آخر حيث يوجب الجمع كثرة الصدقة، قالوا: وإذا ثبت هذا الاحتمال في هذا الحديث وجب ألا يخصص به حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة)) ومعنى هذا: أنهم يرون أن الجمع بين المتفرق، والتفريق بين المجتمع إنما يكون على الملك فقط، وبالتالي لا دليل في ذلك على ثبوت التأثير للخلط.

وأيضًا في اعتراضهم على الدليل يقولون: يحتمل أن يكون قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع)) إنما هو نهي للسعاة يعني: احتمال أن النبي -صلى الله عليهم وسلم- يريد بكلامه السعاة، ويوجه هذا الحديث إلى السعاة؛ ونقصد بهم: عمال الزكاة الذين كانوا يقومون بجمع الزكاة من الناس، فكأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول لهم: لا تجمعوا بين متفرق، ولا تفرقوا بين مجتمع؛ حتى لا تضروا بأصحاب هذه الأموال.

فإذن: الحديث ليس خاصًّا بالملاك، وبالتالي فلا يكون دليلًا على ثبوت تأثير الخلطة في الزكاة.

فكأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول لهم: لا تفعلوا هذا، خذوا شاة واحدة عن المائة والعشرين، ولا تفرقوا هذا المال؛ لا تجعلوه: أربعين، وأربعين، وأربعين؛ لأنهم لو جعلوه: أربعين، وأربعين، وأربعين، سوف يأخذون ثلاث شياهٍ بدل شاة واحدة، فهذا نهي من النبي -صلى الله عليه وسلم- لهؤلاء العمال، أو السعاة أن يفرقوا بين مجتمع، يعني: بين شيء في الجملة المائة والعشرين، لا يصح أن يجعلوها أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015