والتجارية موجود في القوانين الوضعية؛ فقد سبقه فقهاء المسلمين بأزمانٍ كثيرة، وبفترةٍ كثيرة، ونظم في الإسلام تنظيمًا دقيقًا، بل إن القانون الوضعي الذي ينظم هذه المرافعات المدنية والتجارية قد تأثر بتنظيم المسلمين بهذه الوسائل، وهذه الموضوعات الخاصة بموضوع القضاء قد تناولها فقهائنا القدامى على اختلاف مذاهبهم واتجاهاتهم ضمن أبواب الفقه العام.

لكن وجدنا بعض الفقهاء يتناولونها باستقلال، يعني: الفقهاء في هذه الأمور بينوها في خلال كتب الفقه العام التي تتحدث عن العبادات، وتتحدث عن غيرها، تناولوا القضاء فيها، وطرق الحكم، ووسائل الإثبات، لكن -مع ذلك- وجدنا تخصصًا أكثر في هذا الأمر، ووجدنا من الفقهاء القدامى من اختص، أو من ركز على هذا الموضوع، وألف فيه كتبًًا كثيرة؛ ولذلك وجدنا من الكتب المتخصصة في موضوع القضاء، وتنظيم القضاء، ووسائل الإثبات، منها مثلًا: كتاب (الأحكام السلطانية) للماوردي الشافعي، هذا الكتاب بين فيه الكثير من الأحكام التي تخص، أو تبين التنظيم القضائي في الدولة الإسلامية، بل بين فيه السلطات الثلاث في الدولة الإسلامية: السلطة التشريعية، السلطة التنفيذية، السلطة القضائية، وكذلك أيضًًا تناول فيه الإدارة في الإسلام، ونظام الإدارة في الإٍسلام بينه بيانًًا شافيًا، وتحدث فيه عن الوزارة؛ وزارة التفويض، ووزارة التنفيذ -كما سنرى- ذلك فيه -إن شاء الله.

وكذلك هناك كتاب يسمى (الأحكام السلطانية) لأبي يعلى الحنبلي، أيضًًا تحدث فيه عن القضاء، وتحدث فيه عن السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية باستفاضة، وكذلك كتاب (السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية) لابن تيمية الحنبلي المعروف، تحدث في هذه السياسة الشرعية عن القواعد العامة التي ينبغي أن تسير عليه أو يسير عليها حكام المسلمين، سواء في حكمهم للناس، أو في توظيفهم للعمال، وبين أن السياسة الشرعية الحكيمة هي التي تراعي مصالح الناس في كل جوانب حياتهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015