فيها النيابة حتى تتأدى بأداء الوكيل، حتى لو كان الوكيل ذميًّا- كما قال الحنفية- مع أنه ليس من أهل العبادة؛ لأنهم يقولون: إن قياس الزكاة على الصلاة إنما هو قياس مع الفارق؛ لأن الصلاة إنما هي عبادة بدنية محضة، لا تصح إلا من المسلم، ومن صاحبه.
أما الزكاة فهي أيضًا فوق أنها عبادة بدنية، هي أيضًا عبادة مالية، جمعت بين العبادة وبين المالية؛ ولذلك هي متميزة بطابعها المالي الاجتماعي، فكما قلنا هي: عبادة مالية تجري فيها النيابة، لكن الصلاة لا تجري فيها النيابة؛ ولذلك كان قياس الزكاة على الصلاة قياس مع الفارق، ولذلك لا يصح الاستدلال بذلك؛ فالزكاة بهذا تخالف الصلاة والصوم، فهما عبادة مختصة بالبدن، بينما الزكاة حق يتعلق بالمالك، فأشبهت نفقة الأقارب، والزوجات، وأروش الجنايات، وقيم المتلفات.
وعن اشتراط النية لصحة إخراج الزكاة قال ابن حزم: نعم، وإنما أمر بأخذها الإمام، والمسلمون؛ لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} فإذا أخذها من أمر بأخذها بنية أنها الصدقة أجزأت عن الغائب، والمغمى عليه، والمجنون، والصغير، ومن لا نية له، ينظر في ذلك (المحلى) لابن حزم الجزء الخامس صـ305 وما بعدها.
فكأن ابن حزم يقول هنا: ليس بلازم النية من الصبي والمجنون حتى تصح منه الزكاة؛ إنما نقول: النية تكون موجودة إذا أخذ الإمام هذه الزكاة من الصبي أو المجنون؛ لأن الإمام ومن ينيبه إنما هم مطالبون بأخذ هذه الزكاة في قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}.