ورأي الشافعية هو المختار؛ لأن الزكاة هنا ليست مأخوذة من الكافر، ولكن من مسلم، حيث أنها قد وجبت عليه، إلا أنه قبل أدائها قد ارتد، فبقيت متعلقة بذمته دينًا عليه حتى تؤخذ منه.
ونحن نرى أن ما ذهب إليه الشافعية هو الراجح؛ لأنه يحقق المساواة بين المواطنين في تحمل عبء الزكاة، وحتى لا يستفيد المرتد من ردته بسقوط الزكاة عنه، وبذلك يتخلص من تكليف عام المفروض أن يتساوى فيه الجميع، ما دامت توافرت الشروط اللازمة لذلك.
وبالنسبة للناحية الثانية -وهي ما ثبت عليه من زكاة حال ارتداده-: فإن ما ثبت عليه في حال ردته يرى بعض الشافعية، وبعض الحنابلة: وجوب الزكاة فيه قياس على النفقات والغرامات؛ ولأنه حق التزمه بالإسلام، فلم يسقط بالردة كحقوق الآدميين؛ ولأن الزكاة حق مال، فلا يسقط بالردة، ويأخذها الإمام من مال المرتد، كما يأخذها من المسلم الممتنع قهرًا، فإن أسلم بعد أدائها لم يلزمه أداؤها؛ لأنها سقطت عنه بأخذها، كما تسقط بأخذها من المسلم الممتنع.
ونحن نختار هذا الرأي نظرا؛ لأنه يحقق المساواة في أداء الزكاة بين المواطنين، وحتى لا يستفيد المرتد -كما قلنا- من ردته بسقوط الزكاة عنه، وبذلك تتحقق العمومية الشخصية في الزكاة.
وبالنسبة للزكاة في مال الصبي والمجنون:
نقول: إذا كان العلماء قد أجمعوا على وجوب الزكاة في مال المسلم البالغ العاقل؛ فإنهم قد اختلفوا في مال الصبي والمجنون، هل تجب فيه الزكاة؟ أم أنها لا تجب حتى يبلغ الصبي ويعقل المجنون؟