والأسود، والشريف والضعيف، والحاكم والمحكوم، كلهم سواء أمام هذه الفريضة، وهذا موجود في كتاب (فقه الزكاة) دراسة مقارنة لأحكامها وفلسفتها في ضوء القرآن والسنة، الجزء الثاني صـ1039 وما بعدها د. يوسف القرضاوي، الطبعة السادسة، 1981.
وبالنسبة لهذا الأمر نجد أن الفقهاء قد اتفقوا على أن الزكاة تجب على كل مسلم حر، بالغ، عاقل، مالك للنصاب ملكًا تامًّا، وذلك بعد توافر الشروط الموجبة للزكاة عليه في ماله، بينما يختلفون بالنسبة للمرتد، والصبي، والمجنون، وإذا كان الفقهاء قد أجمعوا على وجوب الزكاة على المسلم، فهم بالتالي مجمعون على عدم وجوبها على الكافر الأصلي حربيًّا كان، أو ذِميًّا، فلا يطالب بها -كما قال الشافعي- في كفره، وإن أسلم لم يطالب بها في مدة الكفر؛ لأنها فرع عن الإسلام، وهو مفقود، فلا يطالب بها وهو كافر، كما لا تكون دينًا في ذمته يؤديها إذا أسلم.
واستدل العلماء على عدم وجوب الزكاة على الكافر بأدلة نذكر منها: ما روي: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما بعث معاذًا إلى اليمن قال له: ((إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأَعلمهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة؛ فإن هم أطاعوك لذلك فأَعلمهم أن الله قد فرض عليهم صدقة، تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم)) فالحديث يدل على أن المطالبة بالفرائض في الدنيا لا تكون إلا بعد الإسلام؛ فالإسلام إذًا شرط لوجوب الزكاة، وهذا قدر متفق عليه.
ينظر في ذلك (المغني) لابن قدامة الجزء الثاني صـ437 وما بعدها.