قواعد السياسة الشرعية، وإنما تنظمه، أو ينظمه علم السياسة الشرعية -كما قلنا- لأن علم السياسة الشرعية قائم على تحقيق المصلحة العامة للأمة الإسلامية.
وما دام المراد من ذلك تحقيق المصلحة العامة؛ فينبغي علينا أن ننظر إلى الواقع، وكيف يعاملنا الأعداء، وينبغي علينا أن نعاملهم بمثل ما يعاملوننا به، وهذا تطبيقًا لمبدأ المساواة في العلاقات الدولية، هذا القانون يقابله في وهو النظام الدولي في الإسلام يقابله في القانون الوضعي قانون يسمى: القانون الدولي.
فإذن القانون الدولي الموجود في النظم الوضعية يقابله عندنا النظام الدولي في الإسلام، بل إن فقهاء الشريعة أفاضوا كثيرًا في علاقة الدولة الإسلامية بغيرها من الدول الأخرى، سواء في حالة السلم، أو في حالة الحرب، بل ربما كانت النظم الغربي قد استفادت من هذه الأحكام، وأخذتها في قانونها الدولي.
أيضًًا من الموضوعات التي تدخل ضمن علم السياسة الشرعية هو الوقائع المتعلقة بالضرائب وجباية الأموال، بالضرائب من زكاة، ومن خراج، ومن عشورٍ -كما سنرى إن شاء الله- كل ذلك -يعني: نظمته، أو نظمه علم السياسة الشرعية، وأيضًا كذلك موارد الدولة، ومصارفها العامة، ونظام بيت المال- هذا هو الذي يختص به علم السياسة الشرعية، وهذا ما يشمله قانون يدرس يسمى: النظام المالي في الإسلام، فالنظام المالي في الإسلام، أو الموضوعات التي يتناولها قانون، أو النظام المالي في الإسلام، إنما يعتمد في أساسه على السياسة الشرعية لأنه -كما قلنا-: النظام المالي، وكل نظام ينبغي أن يراد منه، أو يكون الهدف منه إنما هو تحقيق مصلحة المسلمين؛ ولذلك يترك لعلم السياسة الشرعية.
النظام المالي في الإسلام يقابله بالنظم الوضعية علم المالية العامة، معنى ذلك أن الفقهاء سبقوا -فقهاء المسلمين القدامى- سبقوا فقهاء القانون الدولي في تنظيم هذه الأمور، فإذا كان عندهم علم المالية العامة، نقول لهم: في الشريعة الإسلامية -ومنذ ما يزيد على أربعة عشر قرنا من الزمان- بين الفقهاء النظامَ المالي في الإسلام بكل دقة.