بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الرابع
(العمومية المعنوية والمادية للزكاة)
1 - الشخص الطبيعي في الزكاة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد كنا نتحدث في المحاضرة السابقة عن النظام المالي في عهد الأمويين، ونريد أن ننتقل الآن إلى الحديث عن الموارد المالية للدولة الإسلامية من زكاة، وجزية، وخراج ... إلى آخره، إلا أنه مما تجب ملاحظته أن حديثنا عن هذه الموارد هو حديث من وجهة نظر علم السياسة الشرعية، وليس من وجهة النظر الفقهية البحتة.
وبيان ذلك أن الإسلام يطالب الدولة الإسلامية بتحقيق المساواة بين رعايا تلك الدولة، وتحقيق العدل بينهم، ومما لا شك فيه أن المساواة والعدل إنما هما من المبادئ العامة التي تُرك بيان تطبيقهما، وكيفية هذا التطبيق إلى السياسة الشرعية التي تراعي دائمًا ظروف الزمان، وظروف المكان.
وعلى هذا سنتحدث عن هذه الموارد فيما يتعلق بتحقيق المساواة والعدل بين رعايا الدولة الإسلامية؛ وهذا يتطلب أن نتحدث عن العمومية في الزكاة وغيرها من باقي الموارد المالية، ثم نتحدث عن مراعاة التشريعات المالية لظروف الممول؛ لأن مراعاة تلك الظروف تدخل ضمن تحقيق العدالة في المجتمع المسلم.
ونبدأ الآن في أُولى تلك الموارد وهي الزكاة:
والزكاة في اللغة مأخوذة من: الزكاء، والنماء، والزيادة، سميت بذلك؛ لأنها تثمر المال وتنميه، يقال: زكى الزرع إذا كثر ريعه، ويقال: زكت النفقة إذا بورك فيها، وهذا موجود في (المصباح المنير) في مادة: زكى، وسُمي القَدْرُ المخرج من المال: زكاة؛ لأنه سبب يُرجى به الزكاة.