يقول الدكتور يوسف القرضاوي في هذا الشأن: إن السياسة الشرعية هي السياسة القائمة على سياسة الشرع، وأحكامه، وتوجيهاته، فليس كل سياسة نحكم عليها بأنها شرعية، فكثيرٌ من السياسات تعادي الشرع، وتمضي في طريقها وفقًًا لتصورات أصحابها وأهوائهم، وهذا و (السياسة الشرعية للدكتور يوسف القرضاوي صـ27) فيه مزيد من التفصيل.
وبعد أن بينا المقصود بالسياسة الشرعية، أو مفهوم السياسة الشرعية نتحدث الآن عن موضوعات علم السياسة الشرعية: إن الموضوعات التي تدخل ضمن السياسة الشرعية تكمن في عدة أمور، أولًا الوقائع المتعلقة بعلاقة الحاكم بالمحكومين من تحديد سلطة الحاكم، وبيان حقوقه، وواجباته، وحقوق الرعية، وواجباتها، والسلطات المختلفة في الدولة من تشريعية، وتنفيذية، وقضائية.
هذه الموضوعات التي تتصل بالنظام السياسي في الإسلام هو الذي ينظمها، أو الذي ينظمها هو علم السياسة الشرعية؛ ولذلك نصوص الكتاب، والسنة لم تأتي كثيرة في موضوع التنظيم السياسي للدولة الإسلامية، وإنما وضعت قواعد عامة، ونصوصًا عامة، وتركت بعد ذلك للأمة أن يختاروا القالب الذي يتمشى مع مصالحهم؛ ولذلك بيان علاقة الحاكم بالمحكومين ينبغي أن تخضع للمصالح العامة للدولة الإسلامية، وهذه المصالح العامة إنما ينظمها علم السياسة الشرعية، وكذلك سلطات الحاكم، وحدود هذه السلطات، وحقوق الحاكم على المحكومين، وكذلك حقوق الرعية على الحاكم، والواجبات الملقاة على عاتقه، كل هذه الأمور إنما نظمها علم السياسة الشرعية، وعندما تركها الإسلام لعلم السياسة الشرعية إنما أراد أن يثبت للناس أن الشريعة الإسلامية مرنة، ومتطورة، وهي صالحة للتطبيق لكل زمان،