صاروا يعرفون باسم أهل الذمة- وبين المسلمين من رعايا الدولة -الذين يؤدون الزكاة على أموالهم- أي أنه يتضح لنا من هذا أن عمر بن الخطاب -رضوان الله تبارك وتعالى عليه- سار على نفس النظام الذي كان يسير عليه الذين يحكمون هذه البلاد قبل أن يدخلها الإسلام، فكانوا يسيرون على نظام الخراج وعلى نظام الجزية، ووجد سيدنا عمر بن الخطاب أن هذا أمر جيد، فأبقى الخراج وأبقى الجزية، لكنه راعى في ذلك عدالة الإسلام، فإذا كان هؤلاء الحكام -الذين يحكمون هذه البلاد قبل الفتح الإسلامي- يغالون في الجزية، ويغالون في الخراج، ويظلمون الناس، فإن ذلك لم يرضَ به عمر بن الخطاب؛ لأن عمر بن الخطاب إنما يطبق تعاليم الإسلام التي تطالبنا بتحقيق العدالة بين الناس؛ ولذلك أبقى الخراج لكنه جعله عادلًا، يختلف باختلاف الأراضي جودةً وخصوبةً، وكذلك أبقى الجزية، لكنه كان عادلًا في فرض هذه الجزية؛ إذ يختلف المبلغ المقدر على الناس باختلاف غناهم وفقرهم، وتتطلب تنظيم المال المتجمع من الخراج والجزية، وكذلك إنفاقه في الأوجه المقررة له، إدارةً جديدةً، أي أن هذه الموارد الجديدة التي سوف تأتي للدولة الإسلامية بالأموال -وهي المتمثلة في الجزية والخراج- تتطلب تنظيمًا يقوم بهذا الأمر، يقوم بجباية الخراج، وجباية الجزية، ثم يقوم بعد ذلك بإنفاقها في الوجوه المقررة لها في الفقه الإسلامي.
واستشار الخليفة عمر الصحابة في هذا الأمر أيضًا؛ إذ أنه -رضوان الله تبارك وتعالى عليه- ما كان يتخذ أمرًا منفردًا، بل إذا كان هناك أمر من الأمور تهم المسلمين استشار الصحابة في هذا الأمر، استشارهم في هذا الأمر وقال لهم: هذا الخراج وتلك الجزية التي تأتينا كل سنة ماذا نفعل بها؟ هل نوزعها مرةً واحدةً أم على فترات؟ أم ماذا؟