وكان يقول - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - لِبَنِيهِ: «يَا بَنِيَّ قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ» (*).
وكان الصحابة يتراسلون في الأحاديث: يستفسرون ويتذاكرون، فمعاوية بن أبي سفيان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، يكتب للمغيرة بن شعبة - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ -، عدة مرات، يستفسر عن بعض ما يرويه المغيرةُ عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فيجيبه المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ مَرَّةً عما كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مثلاً يقول في ختام كل صلاة: «اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ» (**).
ويجيبه مرة أخرى بأن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «[كَانَ يَنْهَى] عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ المَالِ» ( ... ).
ويكتب زياد بن أبي سفيان إلى السيدة عائشة - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهَا -، يسألها عن مسائل تتعلق بالحج، ويذكر لها فتوى ابن عباس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -. فتكتب له بما كان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفعله في الحج.
ويصف المرحوم الأستاذ السباعي بعض الجهود التي قام بها االصحابة لجمع الحديث فيقول في نهاية حديثه عن تلك الجهود: «فلما كان عهد عثمان سمح للصحابة أن يتفرقوا في الأمصار، واحتاج الناس إلى الصحابة وخاصة صغارهم،