«فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» وما مِنَّا مِنْ أحد إلا وقد درى أن يده باتت حيث بات بدنه وحيث باتت رجله وأذنه وأنفه وسائر أعضائه، وأشد الأمور أن يكون مَسَّ بها فرجه في نومه، ولو أن رجلا مَسَّ فرجه في يقظته، لَمَا نقض ذلك من طهارته، فكيف بأن يمسه وهو لا يعلم. والله لا يؤاخذ الناس بما لا يعلمون، فإن النائم قد يهجر (أَيْ يَهْذِي) في نومه فَيُطَلِّقُ وَيَكْفُرُ وَيَفْتَرِي، ثم لا يكون بشيء من ذلك مُؤَاخَذًا في أحكام الدنيا ولا في أحكام الآخرة.

فأجاب ابن قتيبة بقوله: «ونحن نقول: إن هذا النظار علم شيئاً وغابت عنه أشياء، أما علم أن كثيراً من أهل الفقه قد ذهبوا إلى أن الوضوء يجب من مس الفرج في المنام وفي اليقظة بهذا الحديث وبالحديث الآخر " مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ " وإن كنا نحن لا نذهب إلى ذلك، ونرى أن الوضوء الذي أُمِرَ به من مَسَّ فرجه، غسل اليد، لأن الفروج مخارج الحدث والنجاسات. إلى أن يقول: فإذا كان الوضوء من مَسَّ الفرج هو غسل اليدين تبين أن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر المستيقظ من منامه أن يغسل يده قبل أن يدخلها الإناء لأنه لا يدري أين باتت يده، يقول: لعله في منامه مَسَّ بها فرجه أو دبره .. وليس يؤمن أن يصيب يده شيء من النجاسات .. وخص النائم بهذا، لأن النائم قد تقع يده على هذه المواضع وهو لا يشعر، فأما اليقظان فإنه إذا لمس شيئاً من هذه المواضع فأصاب يده منه أذى علم به ولم يذهب عليه فيغسلها قبل أن يدخلها في الإناء أو يأكل أو يصافح». اهـ. (?).

هذا مثل العقل المعتزلي «الصريح» وَعَقْلِ المُحَدِّثِ «الضعيف».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015