وقد أتيح لي خلال تلك الرحلة أن أواصل زيارة الجامعات عدا ما ذكرته منها في عواصم كل من «بلجيكا» و «الدانمارك» و «النرويج» و «فنلندا» و «ألمانيا» و «سويسرا» و «باريس» واجتمعت بمن كان موجوداً حينئذ من المُسْتَشْرِقِينَ فيها.
ومِمَّا ذكرته آنفاً وما دوَّنتُه في مذكّراتي عن المُسْتَشْرِقِينَ الذين لقيتهم خلال تلك الرحلة، اتضحت لي الحقائق التالية:
أَوَلاً - إن المُسْتَشْرِقِينَ - في جمهورهم - لا يخلو أحدهم من أن يكون قسيساً أو استعمارياً أو يهودياً، وقد يشذ عن ذلك أفراد.
ثَانِياً - إن الاستشراق في الدول الغربية غير الاستعمارية - كالدول السكندنافية - أضعف منه عند الدول الاستعمارية.
ثَالِثاً - إن المُسْتَشْرِقِينَ المعاصرين في الدول غير الاستعمارية يتخلون عن جولدتسيهر وآرائه بعد أن انكشفت أهدافه الخبيثة.
رَابِعاً - إن الاستشراق بصورة عامة ينبعث من الكنيسة، وفي الدول الاستعمارية يسير مع الكنيسة ووزارة الخارجية جنباً إلى جنب، يلقى منهما كل تأييد.
خَامِساً - إن الدول الاستعمارية كبريطانيا وفرنسا ما تزال حريصة على توجيه الاستشراق وجهته التقليدية من كونه أداة هدم للإسلام وتشويه لسمعة المُسْلِمِينَ.
ففي فرنسا لا يزال «بْلاَشِيرْ» وَ «مَاسِينْيُونْ» (?) وهما شَيْخَا المُسْتَشْرِقِينَ الفِرَنْسِيِّينَ في وقتنا الحاضر يعملان في وزارة الخارجية الفرنسية كخبيرين في شؤون العرب والمُسْلِمِينَ.
وفي إنجلترا رأينا - كما ذكرت - أن الاستشراق له مكان محترم فيه مكان محترم في