وَوَجَدْنَاهُ - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ فِيهِ وَاصِفًا لِرَسُولِهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} (?) فَصَحَّ لَنَا بِذَلِكَ أَنَّ الوَحْيَ يَنْقَسِمُ مِنَ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - إِلَى رَسُولِهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا: وَحْيٌ مَتْلُوٌّ مُؤَلَّفٌ تَأْلِيفاً مُعْجَزَ النِّظَامِ وَهُوُ القُرْآنُ، وَالثَّانِي: وَحْيٌ مَرْوِيٌّ مَنْقُولٌ غَيْرَ مُؤَلَّفٍ وَلاَ مُعْجَزَ النِّظَامِ وَلاَ مَتْلُوٌّ لَكِنَّهُ مَقْرُوءٌ، وَهُوَ الخَبَرُ الوَارِدُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ المُبَيِّنُ عَنْ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مُرَادُهُ مِنَّا، قَالَ تَعَالَى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (?) وَوَجَدْنَاهُ تَعَالَى قَدْ أَوْجَبَ طَاعَةَ هَذَا القِسْمَ الثَّانِي كَمَا أَوْجَبَ طَاعَةَ القِسْمِ الأَوَّلِ الذِي هُوَ القُرْآنُ وَلاَ فَرْقَ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (?) فَكَانَتْ الأَخْبَارُ التِي ذَكَرْنَا أَحَدَ الأُصُولِ الثَّلاَثَةِ التِي أَلْزَمَنَا طَاعَتَهَا فِي الآيَةِ الجَامِعَةِ لِجَمِيعِ الشَّرَائِعِ أَوَّلُهَا عَنْ آخِرِهَا، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ} (?) فَهَذَا أَصْلٌ وَهُوَ القُرْآنُ {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (4) فَهَذَا ثَاٍن وَهُوَ الخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} (4) فَهَذَا ثَالِثٌ وَهُوَ الإِجْمَاعُ المَنْقُولُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُكْمُهُ».

ثُمَّ قَالَ بَعْدَ قَلِيلٍ: «فَلَمْ يَسَعْ مُسْلِمًا يُقِرُّ بِالتَّوْحِيدِ أَنْ يَرْجِعَ عِنْدَ التَّنَازُعِ إِلَى غَيْرِ القُرْآنِ وَالخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلاَ يَأْبَى عَمَّا وُجِدَ فِيهِمَا، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ قِيَامِ الحُجَّةِ عَلَيْهِ فَهُوَ فَاسِقٌ، وَأَمَّا مَنْ فَعَلَهُ مُسْتَحِلاًّ لِلْخُرُوجِ أَمْرِهِمَا وَمُوجِبًا لِطَاعَةِ أَحَدٍ دُونَهُمَا فَهُوَ كَافِرٌ لاَ شَكَّ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ».

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ (?): «وَلَوْ أَنَّ امْرُءًا قَالَ: لاَ نَأْخُذُ إِلاَّ مَا وَجَدْنَا فِي القُرْآنِ لَكَانَ كَافِرًا بِإِجْمَاعِ الأُمَّةِ، وَلَكَانَ لاَ يَلْزَمُهُ إِلاَّ رَكْعَةً وَاحِدَةً مَا بَيْنَ دُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ، وَأُخْرَى عِنْدَ الفَجْرِ، لأَنَّ ذَلِكَ هُوَ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ صَلاَةٍ، وَلاَ حَدَّ لِلأَكْثَرِ فِي ذَلِكَ، وَقَائِلٌ هَذَا كَافِرٌ مُشْرِكٌ حَلاَلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015