يَا رَسُولَ اللهِ وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى» وأخرج أبو عبد الله الحاكم عن ابن عباس أن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في خطبة الوداع: «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ، وَلَكِنْ رَضِيَ أَنْ يُطَاعَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا تَحْقِرُونَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ فَاحْذَرُوا، إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنِْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ فَلَنْ تَضِلُّوا أَبَدًا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ».
وأخرج ابن عبد البر عن عرباض بن سارية قال: صلَّى بنا رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاة الصبح، فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقيل: يا رسول الله كأنها موعظة مُوَدِّع فأوصنا، قال: «عَلَيْكُمْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» (?).
من أجل هذا عني الصحابة - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ - بتبليغ السُنَّةِ لأنها أمانة الرسول عندهم إلى الأجيال المتلاحقة من بعدهم، وقد رغب رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في تبليغ العلم عنه إلى من بعده بقوله: «رَحِمَ اللَّهُ امْرُءًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا، فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ» (?).
كان رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعيش بين أصحابه دُونَ أن يكون بينه وبينهم حجاب، فقد كان يخالطهم في المسجد والسوق والبيت والسفر والحضر، وكانت أفعاله وأقواله محل عناية منهم وتقدير، حيث كان - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - محور حياتهم الدينية والدنيوية، منذ أن هداهم الله به وأنقذهم من الضلالة والظلام إلى الهداية والنور، ولقد بلغ من حرصهم على تتبعهم لأقواله وأعماله أن كان