فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} (?) فالخطاب هنا لجنود طالوت لا يتعداهم إلى غيرهم. وقد يراد بالتكليف غيرهم معهم، كقوله تعالى:
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (?) فالتكليف قطعاً موجه للسامعين إلى يوم القيامة، لكن غير السامعين هل هم مُكلَّفون بالخطاب والنص؟ على معنى أقيموا الصلاة يا من يتأتى خطابكم بهذا التكليف في أي زمان وفي أي مكان؟ أو مكلَّفُون بالقياس على السامعين؟ قولان عند الأصوليين.
فالخطاب في الحديث «أَنْتُمْ» للعشرة والعشرين الذين كانوا يلقِّحُون النخل بالمدينة أصالة، وحين يراد غيرهم معهم يبحث في المقصود بهذا الغير ليعطي الحكم نفسه.
و «أَعْلَمُ»، أفعل للتفضيل، فهل المفضَّل عليه رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ كأنه قال: «أَنْتُمْ أَعْلَمُ مِنِّي»؟ أو هو ومن على شاكلته مِمَّنْ يجهل هذا الشيء، أو المفضَّل عليه من عدا المخاطبين أصلاً. أي أنتم أعلم من كل الناس؟
و «شُؤُونِ الدُنْيَا» هل المراد بها مصلحة النخل فقط؟ أو مصلحة النخل وما على شاكلتها من المهن والخبرات؟ أو كل شؤون الدنيا؛ فتدخل المعاملات؟
لنتصوَّر الاحتمالات، ثم نختار منها، ما يصلح لأن يكون مراد الشرع الحكيم:
الاحتمال الأول: أنتم أيها الذين تُلَقِّحُون النخل أعلم بما يصلح النخل منِّي ومِمَّنْ لا علم له بالزراعة، أي أنتم أعلم