المكروه، ومنها المندوب، ومنها المباح، فبعض المأكولات محرَّمٌ، وبعض المشروبات محرَّمٌ، والنوم قد يكون ممنوعاً شرعاً، كالنوم عن الصلاة، أو نوم السائق الذي يعرِّضُ حياته وحياة الراكبين معه للخطر، والفراش واللباس قد يكون مُحرّماً لاستعمال الأقمشة المُحرَّمة فيه.

وحتى إذا أردنا كيفية هذه الأمور نجد منها الممنوع شرعاً، كالأكل بالشمال، والأكل مما يلي الآخرين، وتحريك اليد في جنبات الإناء، ولباس المتكبِّرين ومشيتهم، والإسراف في الفراش، والجلوس على هيئة إقعاءة الكلب، وإقامة الرجل الرجل في مجلسه ثم الجلوس فيه، والجلوس على الطرقات إلاَّ بحقها. نعم. في هذه الأمور مباحات، اختار الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحدهما ولم يمنع الآخر، فكان مثلاً يحب من اللحم الذراع، ومن المشروب اللبن، وكان فراشه من جلد حشوه ليف، وكان يمُرُّ على بيوته - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشهر والشهران، ثلاثة أهلَّة في شهرين وما يوقد في بيته نار لعدم وجود ما يطهى بالنار، وإنما كان يعيش هو وأهله على التمر والماء.

في حين كان بعض الصحابة يحب الفخذ من اللحم، وينام على لين الفراش، ويلبس من أفخر الثياب، ويأكل من أشهى الطعام، وليس في شيء من ذلك التزام شرعي، شأن جميع المباحات، وإنْ كانت نية التأسي به - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والاقتداء به في المباحات لا تخلو من أجر وثواب.

فإذا أريد إدخال المباحات من الأكل والشرب والنوم واللباس والمشي والجلوس في حديث «أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِشُؤُونِ دُنْيَاكُمْ» فلا بأس، حتى في المعاملات، كل إنسان أعلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015