المسلمين، حتى يشمل الضعفاء والمرضى والأطفال والنساء، وإنما كان المقصود خصوص المقاتلين الذين عادوا من غزو الخندق.
ومن هذا القبيل قوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلْبُهُ» (?)، فعموم القتيل غير مراد، لئلا يشمل القتيل ظلماً من المسلمين، وإنما المراد به قتيل الكفار المحاربين. كذلك عموم «مَنْ قَتَلَ» ليس المقصود به كل من قاتل وقتل إلى آخر الزمان، وإنما المراد العصر الأول الذي تَطَلَّبَ تشجيع الغزو والجهاد، وكذا كل عصر يشبهه إذا رأى حاكم المسلمين ذلك.
أما الأحكام العامة في المعاملات وغيرها والتي لم يدخلها تخصيص بالأفراد ولا بالأماكن ولا بالأزمنة، فهي باقية على عمومها صالحة لكل زمان ومكان إلى يوم القيامة، والجهل بالمصلحة فيها، وظن المصلحة في غيرها، لا يمنع من الالتزام بها، فما أكثر ما يجهل الإنسان مصلحة نفسه، فضلاً عن مصلحة غيره.
وفي الشرع مصالح العباد بالتحقيق، فالمُشَرِّعُ هو الخالق الذي يعلم من خلق ويعلم ما يصلحه، وفي كل طلب للمصلحة من غير الشرع طلب للماء من السراب: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ، أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} (?).
يقول الإمام ابن القيم: «إنَّ شريعة الله مبناها وأساسها