كالملوك والقياصرة، بل كان المسجد معهده يُعَلِّمُ فيه المسلمين الشريعة، وقد يرونه في الطريق فيسألونه، فيبش لهم ويجيبهم، وقد يعترضونه في مناسكه وَحَجِّهِ، أو على راحلته يستفتونه فيفتيهم (?) والابتسامة لا تفارق ثغره، وقد تكون إجابته لسائل عن مسألة وحوله جمع قليل أو كثير، وقد يكون على منبر مسجده يبلغ الناس الإسلام وتعاليمه، ويفصل الأحكام يشرحها ...
فينقل السامعون ما تلقوه إلى إخوانهم وذويهم فإنْ سمع وشاهد ووعى ستبقى آثار ما تلقاه واضحة جلية في نفسه أَمَدًا طويلاً، حتى إذا ما شك فيما سمع، عاد إلى رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ليزيل وهمه، ويثبته على الصواب ويرده إلى الحق.
من كل ما سبق يَتَبَيَّنُ لنا أَنَّ منهج رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَفِيلٌ بأنْ يُحَقِّقَ ما كان يريده الرسول الكريم من تعليم أصحابه وتربيتهم وتطبيق أحكام الشريعة، وكفيلٌ بأنْ يثبت تلك الأحكام والتعاليم في نفوسهم.
بعد هذا نقدم على دراسة «المادة» لنرى تفاعل الصحابة معها وتجاوبهم.