إنَّ منهج الرسول الكريم في تبليغ أصحابه لاَ يَتَعَدَّى منهج القرآن العظيم، إذْ كان الرسول مُبَلِّغًا لكتاب الله تعالى، مُبَيِّنًا أحكامه، مُوَضِّحًا آياته، وقد نزل القرآن الكريم مُنَجَّمًا عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خلال ثلاث وعشرين سَنَةٍ، والرسول الكريم يبلغ قومه، ومن حوله، ويفصل تعاليم الإسلام، ويطبق أحكام القرآن، فكان معلمًا وحاكمًا وقاضيًا ومفتيًا وقائدًا طيلة حياته - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -، فكل ما يتعلق بِالأُمَّةِ الإِسْلاَمِيَّةِ في جميع شؤونها، دقيقها وعظيمها، وكل ما يتناول الفرد والجماعة في مختلف نوحي حياتهم، مما لم يرد في القرآن فهو من السُنَّةِ، العملية أو القولية أو التقريرية، ومن ثَمَّ نجد بين يدينا أحكامًا وآدابًا وعبادات وقربات شُرِّعَتْ وَطُبِّقَتْ وَسُنَّتْ خلال ربع قرن، فلم توضع السُنَّةُ دفعة واحدة (?) كمجموعة من الشرائع الوضعية، أو الأحكام الخلقية، التي يمليها بعض الحكماء والوعاظ، وإنما شُرِّعَتْ لتربية الأُمَّة دينيًا واجتماعيًا وخلقيًا وسياسيًا، في السلم والحرب، في الرخاء والعسر، وتتناول النواحي العلمية والعملية، فلم يكن من السهل أن ينقلب الناس آنَئِذٍ فجأة، ويتحوَّلوا بين عشية وضحاها عن تعاليمهم القديمة، وديانتهم