يضعون ما ينفي التدوين ليطعنوا في بعض الأحاديث ويرفضوها، تَبَعًا لميولهم، وأهوائهم، وأهل حديث يضعون ما يروق لهم من الأخبار التي تثبت التدوين، ليحتجوا ببعض الأحاديث التي تخدم غاياتهم وأهواءهم. وأكدنا أن علماء المسلمين وفقهاءهم أرفع بكثير مما تصوره جولدتسيهر، وانتهينا إلى أنهم نهجوا جَمِيعًا المنهج العلمي الدقيق في سبيل الحفاظ على الشريعة الإسلامية.
وعرفنا في الباب الخامس القلوب الواعية، التي حفظت السُنَّةَ ونقلتها، وأدحضنا بالحجج والبراهين ما أثير من شبهات حول أبي هريرة وابن شهاب الزهري، ورددنا كل ما أثاره أعداء السنن - من مستشرقين وباحثين مسلمين - حولهما، وظهرت لنا مكانتهما، وتكشفت الغايات السيئة من وراء تلك الشبهات.
وعلى ضوء جميع ما تقدم أصبحنا على يقين من أن السنة حفظت على أسلم القواعد العلمية، واهتم بها المسلمون اهتمامهم بالقرآن، ولم تهمل حتى قُيِّضَ لها من يجمعها في مصنفات الحديث بعد أكثر من قرنين - كما يزعم الزاعمون - بل كانت مصدر التشريع الإسلامي إلى جانب القرآن الكريم، يجلها المسلمون ويحترمونها، ويدينون بها، وستبقى كذلك إلى ما شاء الله.
وقبل أن أختم الموضوع أذكر بعض المقترحات فيما يلي:
1 - أن تزاد العناية بدراسة الحديث ورجاله، وخاصة الصحابة منهم، في مختلف مراحل الدراسة، بما يناسب المستويات التعليمية، لننشأ الأجيال المسلمة على هدى الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهي على معرفة حسنة بمن نقل إليها أصول شريعتها، وألا يقتصر تدريس الحديث في المراحل الأولى على حصص مادة (التربية الإسلامية) بل يتعداه إلى حصص الأخلاق والتربية