وأما العلوم الأخرى التي يحتاج إليها المسلمون في حياتهم فهي من باب فرض الكفاية، يأثم جميع المسلمين إذا احتاجوا إلى علم ولم يوجد بينهم من يكفيهم إياه، ثم لاَ يَتَحلَّلُونَ من ذلك حتى يَسُدُّوا ذلك النقص.
وجعل العلم من الأمور التي يغتبط فيها ويتنافس في مضمارها فقال - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِى اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ أَتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِى الْحَقِّ، وَآخَرُ أَتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً، فَهُوَ يَقْضِى بِهَا وَيُعَلِّمُهَا» (?).
وحثَّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المسلمين على أنْ يكون لكل منهم نصيب مِنَ العلم فقال: «اغْدُ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا أَوْ مُسْتَمِعًا أَوْ مُحِبًّا، وَلاَ تَكُنِ الْخَامِسَةَ فَتَهْلَكَ» (?)، قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ لِي مِسْعَرُ: «زِدْتَنَا خَامِسَةً لَمْ تَكِنْ عِنْدَنَا، وَالخَامِسَةَ أَنْ تَبْغَضَ العِلْمَ وَأَهْلَهُ».
وكان الرسول - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - يحض أصحابه على تفهم أمور دينهم، ويأمرهم أَنْ يسألوا عما يجهلونه، ويمنعهم أنْ يفتوا من غير علم، ومن ذلك ما رواه عبد الله بن عباس: أَنَّ رَجُلاً أَصَابَهُ جُرْحٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَدْ أَصَابَهُ اِحْتِلاَمٌ، فَأُمِرَ بِالاِغْتِسَالِ فَمَاتِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: «قَتَلُوهُ!! قَتَلَهُمُ اللَّهُ!! أَلَمْ يَكُنْ شِفَاءُ الْعِىِّ السُّؤَالَ؟!» (?).