وجليلها في هذا المجال؟ ومع هذا فَإِنَّ المؤلفات التي دُوِّنَتْ عن حياة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مختلف ظواهرها لم يُدَوَّنْ مثلها لرجل في التاريخ قط. وأحاول الآن أنْ أتناول الخطوط الكبرى لموضوعنا هذا.
لقد اصطفى الله تعالى مُحَمَّدًا - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وربَّاه وعلَّمه بعنايته الإلهية ليتمكَّن من حمل الرسالة وتبليغها، فأُعِدَّ إعدادًا عظيمًا، حَتَّى كَانَ القُرْآنُ خُلُقَهُ: يرضى برضاه، ويسخط بسخطه (?)، بُعث لِيُتَمِّمَ مكارم الأخلاق، «فَلَمْ يَكُنْ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا، وَكَانَ يَقُولُ: «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ أَخْلاَقًا» (?). «كَانَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا» (?)، «وَإِذَا كَرِهَ شَيْئًا عُرِفَ فِي وَجْهِهِ» (?)، «وَإِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ» (?) وَكَانَ أَصْحَابه يَعْرِفُونَ ذَلِكَ مِنْهُ. وَلَمْ يَحْقِدْ عَلَى إِنْسَانٍ قَطُّ لِنَفْسِهِ، وَمَا اِنْتَقَمَ لِنَفْسِهِ «إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا» (?).
كان سيد الناس في أخلاقه ومعاملاته؛ وكيف لا وقد اختاره الله تعالى ليكون للعالم أسوة حسنة، وأوحى إليه ليكون لهم بشيراً ونذيراً؟ {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ} (?) فكانت مُهِمَّتُهُ - عَلَيْهِ