باختلاف أحوالهم وسماعهم منه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
لم يكن الصحابة على درجة واحدة من العلم بِسُنَّةِ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأحواله وأقواله، بل كانوا متفاوتين (?) لأن منهم المتفرغ الملازم لرسول الله - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -، يخدمه في معظم أوقاته، كأنس وأبي هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، ومنهم من له ماشية في البادية، أو تجارة في الآفاق، ومنهم البدوي والحضري والمقيم والظاعن، وقد سبق أن بينت كيف كانوا يتلقون الأحكام والعلم عن الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لذلك كان الصحابة - عَلَيْهِمْ رِضْوَانُ اللهِ - مختلفين في مقدار ما حملوا عنه - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -. وفي ذلك يقول مسروق: «جَالَسْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَوَجَدْتُهُمْ كَالإِخَاذِ، فَالإِخَاذُ يَرْوِي الرَّجُلَ، وَالإِخَاذُ يَرْوِي الرَّجُلَيْنِ، [وَالإِخَاذُ يَرْوِي الْعَشَرَةَ]، وَالإِخَاذُ يَرْوِي المِائَةَ، وَالإِخَاذُ لَوْ نَزَلَ بِهِ أَهْلُ الأَرْضِ لأَصْدَرَهُمْ» (?).
ويمكننا أن نعرف علم الصحابي كما قال ابن حزم: «لأحد وَجْهَيْن لاَ ثَالِث لَهما أَحدهمَا كَثْرَة رِوَايَته وفتاويه وَالثَّانِي كَثْرَة اسْتِعْمَال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ فَمن المحَال الباطل أن يستعمل النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من لا علم له وهذا أكبر شهادات على العلم وسعته» (?).