جدلاً وجوب البحث عن بعض الصحابة لِتُهَمٍ وجهت إليهم، فإنه لا يقبل هذا الجرح إلا ببيان علته، ولا يتصدى لهذا المَوْتُورُونَ وَالمُغْرِضُونَ، من أهل الأهواء وغيرهم، بل يتصدى له عدول الأمة من أئمة الصدر الأول، الذين خالطوا الصحابة، وعاشوا معهم، وعرفوا عنهم كل شيء إذ رُبَّ فضيلة عند النقاد العدول يراها المغرضون رذيلة ومنقصة، وليست جميع الذنوب والهفوات مسطقة للعدالة.
وقد نص الفاروق عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - على عدالة الصحابة جَمِيعًا إلا من أظهر ما يسقط عدالته فقال: «إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالوَحْي فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ , وَإِنَّ الوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ , وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الآنَ بِمَا ظَهَرَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ , فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ , وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ , اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ , وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ , وَإِنْ قَالَ: إِنَّ سَرِيرَتِي حَسَنَةٌ» (?).
وقد أجمعت الأمة على عدالة الصحابة جَمِيعًا إلا أفرادًا معدودين اختلف في عدالتهم ممن لم يستقيموا بعد وفاة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهم لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة (?). فلا يجوز لأحد أن يتعداهم خشية أن يخالف الكتاب وَالسُنَّةََ اللذين نَصَّا على عدالتهم، فبعد تعديل الله تعالى ورسوله لهم، لا يحتاج أحد منهم إلى تعديل أحد، على أنه لو لم يرد من الله تعالى ورسوله الكريم - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - شيء في تعديلهم لوجب تعديلهم لما كانوا عليه من