5 - لم تسلم أبحاث من الخطأ المقصود أو غير المقصود، ولم يصب (جولدتسيهر) في تصوره واستنباطه من الأخبار الواردة في كراهة الكتابة وإباحتها، حين ظن قيام حزبين متخاصمين، أهل رأي، يضعون ما ينفي التدوين ليتمكنوا من الطعن في بعض الأحاديث ورفضها حسب ميولهم وأهوائهم، وأهل حديث، وضعوا ما يروق لهم من الأخبار التي تثبت التدوين ليتمكنوا من الاحتجاج ببعض الأحاديث التي تخدم غاياتهم وأهواءهم. فعلماء المسلمين وفقهاؤهم أرفع بكثير مما تصوره (جولدتسيهر)، وقد نهجوا جَمِيعًا المنهج العلمي الدقيق في سبيل الحفاظ على الشريعة الإسلامية.

وبعد أن اطلعنا على تاريخ السُنَّةِ، منذ عهد الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى منتصف القرن الهجري الثاني تقريبًا، وعرفنا كيف حفظت وكيف نقلت ورويت جيلاً بعد جيل، حتى وصلتنا سالمة خالصة من كل شائبة - أرى من واجبي أن أُعَرِّفَ بمشاهير رواة الحديث من الصحابة والتابعين، لنطلع على مكانتهم العلمية، ونعلم قيمة رجال الحديث الذين حافظوا على السُنَّةِ، وصانوها عبر الزمان، ونقلوها إلينا بكل أمانة، فهم سندنا، وسبيلنا إلى الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإلي سُنَّتِهِ الطَّاهِرَةِ، وهذا ما سأبحثه في الباب بعون الله.

***

طور بواسطة نورين ميديا © 2015