وعثر المستشرق (شبرنجر) على كتاب " تقييد العلم " للخطيب البغدادي فوجد فيه شواهد وأخبارًا تدل على تدوين المسلمين للحديث في عصر مبكر فكتب مقالاً حول ما وجده.
واطلع (جولدتسيهر) على ما كتبه سلفه (شبرنجر) وأيد فكرة كتابة المسلمين للحديث في عصر مبكر، إلا أنه «تأمل في الأخبار التي عرضها سلفه " شبرنجر " نقلاً عن الخطيب البغدادي وغيره، فوجدها تارة تقول بأن الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أجاز كتابة العلم، وطورًا تدعي بأنه نهى عنها، وتذكر مرة أن الصحابة حضوا عليها، ثم لا يلبث أن تروى كراهتهم لها، وَتَعْرِضَ كَتْبَ بَعْضِ التابعين للعلم، ثم تذكر استنكاف بعضهم الآخر - رأى ذلك فظن بهذه الأخبار سُوءًا، وأراد أن يرى خلالها يد الوضع والتزوير، فتصور حزبين متناضلين، اتخذا من هذه الأخبار سِلاَحًا، يذود كل منهما به عن رأيه، ويدفع خصمه، فقال: إن أهل الرأي - الذين اعتمدوا في وضع فروع الشريعة على عقلهم، وأهملوا شأن حديث رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - - كان من حُجَجِهِمْ أن الحديث لم يكتب دهرًا طويلاً، فغابت معالمه، وتشتت أمره، وأيدوا رأيهم بأخبار اختلقوها، تثبت أنه لم يكتب، ولم يقف خصومهم (أهل الحديث) واجمين، بل فعلوا فعلتهم واختلقوا الأخبار تَأْيِيدًا لقولهم، فنسبوا إلى الرسول أحاديث في إباحة الكتابة» (?).
هكذا رأى جولدتسيهر أهل الرأي يدعون عدم كتابة الحديث، فيضعون من الأخبار ما يثبت دعواهم، وأهل الحديث يرون جواز تقييد العلم، فيضعون