التي جمعها أبو بكر - كما يذكر ذلك بعض العلماء - (?) (*) فإنه لم تفته أولى ثمار جهوده، التي حققها ابن شهاب الزهري الذي يقول: «أَمَرَنَا عُمَرُ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ بِجَمْعِ السُّنَنِ، فَكَتَبْنَاهَا دَفْتَرًا دَفْتَرًا، فَبَعَثَ إِلَى كُلِِّ أَرْضٍ لَهُ عَلَيْهَا سُلْطَانٍ دَفْتَرًا» (?)، وعلى هذا يحمل ما قاله المؤرخون والعلماء: «أَوَّلُ مَنْ دَوَّنَ العِلْمَ ابْنُ شِهَابٍ» (?) وله أن يفخر بعلمه هذا، ويقول: «لَمْ يُدَوِّنْ هَذَا العِلْمَ أَحَدٌ قَبْلَ تَدْوِينِي» (?).

وقد اعتبر علماء الحديث تدوين عمر بن عبد العزيز هذا أول تدوين للحديث ورددوا في كتبهم هذه العبارة: «وَأَمَّا ابْتِدَاءُ تَدْوِينِ الحَدِيثِ فَإِنَّهُ وَقَعَ عَلَى رَأْسِ المِائَةِ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ» (?) أو نحوها.

ويفهم من هذا أن التدوين الرسمي كان في عهد عمر بن عبد العزيز، أما تقييد الحديث وحفظه في الصحف والرقاع والعظام فقد مارسه الصحابة في عهد رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم ينقطع تقييد الحديث بعد وفاته - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -، بل بقي جَنْبًا إِلَى جَنْبٍ مع الحفظ حتى قَيَّضَ الله للحديث من يودعه في المدونات الكبرى.

وسيتبين لنا بعد قليل أن والد عمر بن عبد العزيز قد سبق ابنه في طلب تدوين الحديث وأن أهل الحديث لم يمسكوا طوال القرن الأول عن تقييد حديث رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منتظرين سماح الخليفة وأمره، وقد ذكرنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015